الثلاثاء , مارس 19 2024
أخبار عاجلة

الثورة المهدورة

كتب د.خالد عثمان حواية الله

لم يتم التطرق لأسباب تخلفنا عن ثورتنا بشكل كافي ودقيق لان قوالب دراسات علم النفس- سياسي و النظريات المستورده مصصمه للانسان الغربي الصناعي و هو وليد نقله حضاريه استمرت ثلاث قرون، والمؤطر مؤسسيا والقائم علي الكفاءة والتعاقد والاجر والاعداد المهني لطاقاته الحيه كما هو الحال في النمور الجدد. وأن كان تخلفنا عن ثورتنا درس في الادبيات من منظور اقتصادي وسياسي بمعزل عن النفس-اجتماعي (الذهنيه المتخلفه و نمط الحياة المتخلف و العلاقات الانسانيه المتخلفه).

الثوار من أمام القصر الجمهوري بالسودان ١٩ ديسمبر ٢٠٢١

يظل السؤال قائما، كيف لنا ان ننجز ثورة بحجم هذة التضحيات العظيمة وبعزائم هذا الجيل الجبار و الكتله الحيوية توصف بأنهم المتخلفون المقهورن (هم المعرضون لفقدان سيطرتهم علي مصيرهم و المعرضون لفقدان كرامتهم الانسانيه و المعرضون للتهميش وتجاهل تنمية طاقاتهم الحية المنتجه و المعرضون لمختلف انواع الفكر الاصولي والاستبداد السياسي والعصبية القبلية).
لان مشاريع التنميه السياسية اسقطت فوقيا علي مجتمعاتنا والانظمه السياسيه ركبت فوقيا ولم تكن نابعة من والقواعد والقوي المجتمعيه المنتجه التي تنتخب ممثلين سياسين او مجتمعيين بالتفويض.ولأن النادي السياسي لازال عندنا متخلف عن ادوات الفعل السياسي التي تخاطب جيل التغييرولا ينتبه الي ان تغييرات سياسيه كثيره حدثت علي مستوي البيئة السياسية المحلية و العالمية . ولأن ما تبدي من تمظهرات ما بعد ثورة ديسمبر وتمدد الشعبوية في مساحات الفكر السياسي الجاد والسياسيون المحترفون والتي نتجت من عمليات (كلفتة) في استيراد للحداثه في مختلف مظاهرها و تركيب نوع من الحداثه فوق بني نفسيه واجتماعيه هشة.
المجال السياسي ما بعد ثورة ديسمبر لم يحدث نقلة نوعيه كما انتجة الغرب،فما حدث فقط مجرد تركيب نوع حداثي علي بني اجتماعيه بعضها تسير بشكل خفي من خلال العصبيات والفكر الاصولي والقبلي و تتشكل من مختلف الوان الاستبداد في ترسيخ لاطار حاكم لذهنيته، فذهنية انساننا خاضعه للاستبداد السياسي و للعصبيات التي يهمها الولاء وليس الاداء، مقابل الحمايه والغنيميه ،فهي دون الانظمه الدستوريه والنيابيه والجمهوريه. لذا ظل انساننا والي وقت طويل يوصف بأنه قطيعي تبعي، يظهر هذا في الانتخابات التي هي نوع من المبايغه للزعيم السياسي او القبلي والذي يمثل الشباب المهمش قواهه الضاربه والذي هو وقود العنف ولا زلنا نصارع هذه الامورالتي تتحكم في البني الاجتماعيه والسياسيه، وخذ قضية شرق السودان كمثال. ففي البداوه نجد أن نوع العصبية يستند علي نسق من التعاضد والتازر القائم علي رابطة الدم، وتترسخ العصبيه من اجل الحمايه والحصول علي مصادر الحياة.
الثورات ليست فعل أسطوري، فالثورة الحقة هي مجموعة ثورات متداخلة ومترابطة ومتناسقة(ثورة سياسيه و صناعية وثورة تعليميه وثوره ثقافية وثوره فكريه ) هي طبقات من البني الفوقيه تفاعل بنضج وروية تسند البني التحتيه الاقتصاديه والاجتماعيه للثورة وتكرس لها عمليا، ادناها علي مستوي الخطاب السياسي والثقافي.
فلابد من بروز قيادة تتفهم قوانا الحيه وأن تكون قادرة علي انتاج هذا الخطاب السياسي والثقافي الذي يعبر عن جيل التغيير الثوري . وقادرة علي اطلاق طاقاته واعطاءه كرامته ويصبح انتماءة للوطن وليس للعصبيه في كيان وطني جامع يحوي الجميع لقيادة مشاريع انتاجيه كبري يقوم بها الكل لمصلحة الكل خلاف العصبيه التي تعتبر نفسها هي الكيان خلاف الكيان الوطني . وأن يكون الاطار الحاكم لها بالضرورة ليس هوالاستبداد السياسي ولغة التخوين علي كل مستوياته ، رغم اننا لا زلنا نصارع هذه الحالة العدمية وهي التي لا تزال تعمل.

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

بمناسبة اليوم الدولي للمرأة

8 مارس 2024 1 – 3 • حينما رحلت شقيقتي آسيا عليها الرحمة والمغفرة قبل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا