الجمعة , أبريل 26 2024
أخبار عاجلة
القطاع الزراعي والخروج من عنق الزجاجة

(1-0) السودان – الفرص و الثروات المهدره

د. عمر محمد سعيد

نتابع سلسة مقالاتنا للساسة و للقطاع الاقتصادي الذين هم في موقع المسؤولية الآن حول الموارد الذاتية التي يتمتع بها السودان، و ننادي دوما بالاعتماد عليها؛ لأنها تمثل كنزاً اقتصادياً لم يُستغل بعد بالشكل الامثل، و هي الطريق الوحيد لخروجنا من أزماتنا الاقتصادية المتلاحقة و سوف تكون تلك السلسلة من المقالات فريدة في تناولها لبعضٍ من هذه الكنوز.
و في هذا المقال سوف نتناول أحد مصادر الثروة الحيوانية المهمة و التي ينظر إليها الاقتصادي السوداني نظرة لا تنسجم مع قيمتها النقدية في السوق العالمي و هي الجلود، و سوف اركز في تلك المقالات عن المصادر الأخرى غير التي توفرها الثروة الحيوانية كاللحوم و الحليب و مشتقاته و البيض كمثال. تعتبر الجلود هي المنتج الثاني بعد اللحوم في توفير العملات الصعبة و تحقيق القيمة المضافة.
إن الجلود في السودان تمثل رقماً اقتصادياً مهماً حيث تزداد أعداد الجلود بتزايد الثروة الحيوانية، و المعروف ان الجلود السودانية تتمتع بجودة عالية لمتانتها و تكوينها النسيجي و الليفي، و تمتاز على الجلود العالمية الاخرى بكبر مساحتها.
في السودان صناعة و استخدام الجلود قديماً و حديثاً ترتبط بالصناعات التقليدية (كمركوب الجنينة و الفاشر) كصناعه اشتهرت بدافور و ارتبطت بالبعد الثقافي السوداني منذ زمن بعيد .
السؤال: هل تساهم الجلود في إعلاء القيمة المضافة للمنتجات السودانية؟ إن انتاج الجلود في السودان يصل إلى نسبة 50% من الانتاج العالمي، و إن هذا القطاع عادةً لا يحتاج إلى بنيات تحتية ضخمة و انما يحتاج إلى حزمة سياسات و اجراءات من الدولة ليكون قطاع الجلود فاعلاً و مؤثراً في اقتصادنا الوطني، و ما على الدولة إلا تهيئة بيئة ملائمة لتطوير صناعة الجلود و تحقيق الاستفادة القصوى منها في القطاع الاقتصادي بعد أن نضع على المنتجات المصنعة (دباجة صنع في السودان).
السودان كما يعلم جميع الاقتصاديين و المهتمين بأمر الاقتصاد بأنه يمتلك المقومات الأساسية لانتاج الجلود لوجود :
– ثروة حيوانية ضخمة متنوعة.
– الحاجة المتزايدة لاستهلاك اللحوم (في الداخل و الخارج).
– عدد من المسالخ تؤدي دوراً في انتاج الجلود.
– رغبة للتطور في القطاعات التي تعمل في مجال الجلود سواء كانت مدابغ أو مصانع صغيرة للمنتجات الجلدية .
– الخبرات المتراكمة للقطاع الذي يعمل في مجال الجلود.
– هنالك اعداد كبيرة بكل ولايات السودان تعمل في مجال الجلود و تمتلك وكالات و مخازن ضخمة توفر مادة خام للصناعة.
إذا كانت لدينا هذه المقومات فكيف لنا القيام بتطوير هذه الصناعة المهمة ؟
– تخصيص مركز محلية كرري التابع لوزارة الثروة الحيوانية ليكون مركزاً متخصصاً للتدريب على صناعة الجلود مع ضرورة بناء قاعدة بيانات و معلومات عن الجلود في السودان، و وضع خطط مسنودة بالعلم لتدريب العمالة في قطاع الأحذية و المنتجات الجلدية.
– ضرورة ادخال مناهج تعليمية تعتمد على التكنولوجيا الحديثة في هذه الصناعة لمواكبة الموضه العالمية فضلاً عن الاستعانة بالخبرات العالمية في هذا المجال.
– انشاء مراكز كمركز كرري في الولايات للتدريب لتساهم هذه المراكز مساهمة فاعلة في تطوير هذه الصناعة.
– على وزارة الصناعة انشاء عدد من المصانع لمستلزمات الانتاج لتقليل تكلفة الانتاج.
– أهمية تخصيص منطقة صناعية متكاملة لصناعة الاحذية و المنتجات الجلدية و يستحسن ان تكون هنالك عقودات شراكات مع دول كايطاليا و الهند و تركيا و الصين لنقل خبراتها إلى السودان.
– إعادة النظر في مناهج المدارس الصناعية و التدريب المهني و التعليم الفني بإدخال منهج علمي مرتبط بصناعة الجلود.
– أهمية وضع آليات لحماية الصناعة المحلية و إعطاء حوافز لهذه الصناعة المتأخره في السودان، و للاسف يتم تصدير الجلود في صورتها الأولية دون تصنيع لدول أخرى تستفيد من قيمتها المضافة، و هذا يعتبر هدراً متعمداً لقيمة هذه الجلود.
– ضرورة خفض التعريفه الجمركية لمستلزمات صناعة الجلود لخفض تكاليف الانتاج.
إن صناعة الجلود تعتبر من أقدم الصناعات في العالم و مع التطور المتسارع اصبحت صناعة الجلود ذات اهمية اقتصادية ضخمة على المستوى الدولي و يقدر بأن الانتاج العالمي في العام يبلغ 25 مليار قدم مربع من الجلد. و نحن في السودان يمثل انتاجنا من الجلود 50% من الانتاج العالمي و هذه تمثل حوالي 22 مليار دولار عند تصنيعها و تصديرها كأحذية جلدية و حقائب جلدية و ملابس جلدية و الأثاث و أجزاء مهمة في السيارات و الطائرات.
و السودان يمتلك كل مقومات هذه الصناعة، فالجلود متوفره لدينا باعتبارها من ناتج صناعة المواد الغذائية و تحديداً من معالجة اللحوم و بالمعالجة الصناعية المحكومة بالإرادة السياسية و الاقتصادية تصبح الجلود منتج نهائي مفيد و مستدام و جذاب و داعم للاقتصاد الوطني.
و سوف تظل مقالاتي مستمرة عن مواردنا الذاتية حتى لا نرهن السودان للخارج و للأسف يسيل لعاب الخارج على مواردنا الذاتية و يسيل لعاب الداخل على المنح و الهبات و القروض.

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

مدير “الفاو” يحذر من تفاقم الجوع بإفريقيا ويشيد بالنموذج المغربي في الزراعة

الرباط وكالات ايكوسودان.نت من الرباط، لم يتوان شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا