الجمعة , أبريل 26 2024
أخبار عاجلة
القطاع الزراعي والخروج من عنق الزجاجة

القطاع الزراعي و الخروج من عنق الزجاجة (1-2)

د. عمر محمد سعيد

مواصلة لسلسلة مقالاتنا حول القطاع الزراعي، دائما نجد في مقدمة كتاباتنا او احاديثنا و خصوصا عند المهتمين بأمر القطاع الزراعي سواء كان نباتي او حيواني او مائي ندبجها بأن السودان يمتلك موارد طبيعيه كثيره و متنوعه يمكن أن تمثل قاعدة متينة للتنمية. صحيح ان السودان يملك اكبر رقعة زراعية مروية في افريقيا يفوق ما يملكه كثير من دول القاره، مساحات شاسعه من الاراضي الصالحه للزراعه لا يُستغل منها كما يردد المهتمين بأمر الزراعه 25% و ذلك تحت نظم الزراعة المطرية، و بالرغم من هذه الثروات الطبيعية الوفيرة فإن الاستثمار في الزراعة اتسم بالضعف خلال العقود الماضية و إنه يعاني من مشاكل هيكلية في مقدمتها تدني الانتاجية و ارتفاع تكاليف الانتاج و غياب السياسة التسويقية، الأمر الذي أدي إلى اضعاف المقدرة التنافسية للمنتجات الزراعية السودانية في الاسواق الخارجية و تدني الاسعار مقارنة بتكاليف الانتاج بالنسبه للمنتجين.
و من الأسباب الرئيسية التي أدت الى ذلك: عدم استقرار السياسيات و ضعف القدرات المؤسسية و التشوهات في حقوق تملك و استغلال الاراضي، مما أدى إلى سوء استغلالها و بالتالي تعميق مشاكلها في تدني انتاجيتها. بالاضافه الى ذلك، الاهمال المتعمد للنظام السابق للاستثمار في البنى التحتية (السكك الحديدية، الطرق المعبدة، الطرق الفرعية، و الطاقة الرخيصة، الاسواق الريفية، و القيمة المضافة من خلال الصناعات التحويلية) و ما لم تعالج هذه القضايا سيكون من الصعوبة بمكان جذب القطاع الخاص المحلي او العربي او الاجنبي للاستثمار في الزراعه و تحقيق مساهمة فاعلة في احداث نمو متوازن و مستدام للزراعة. و كانت للسودان في فترة الثلاثين سنة الفائتة فرصة ذهبية في استثمار عائدات البترول لبناء بنية تحتية متينة، و في الزراعة ايضاً و التي تلاشت بعد انفصال جنوب السودان عام 2011.
لازالت لدى السودان فرص جديدة لإعادة النظر في أولوياته بهدف التركيز على استغلال موارده الزراعية باعتبارها القاطرة للنمو و خصوصاً بعد رفع اسم السودان من الدول الراعية للارهاب و المحاولات الحثيثة لإعفاء ديونه و الذي نسمعه من توجهات لصناديق عالمية للاستثمار في السودان و لاسيما ان السودان متوجه إلى مؤتمر باريس في السابع عشر من مايو القادم ، و دائماً ما نؤكد بأن تكون هنالك خطط لحزم استثمارية في مجال الزراعة بهدف تسريع النمو الاقتصادي و تعزيزه و يصبح جزء فاعل في عملية التنمية المستدامة.
إن الزراعة في السودان ذات طبيعة تقليدية إعاشية تتسم دائماً بتدني انتاجية السلع الزراعية و لهذا كثير من المزارعين التقليديين يقومون بالتوسع في المساحات المزروعة لتعويض تدني الانتاجية، و إن المحاولات الحكومية الخجولة لاستعمال تقانات حديثة محدودة في كثير من العمليات الزراعية و استخدام البذور المحسنة و السماد لم تأتي بنتائج مبشرة. و هنالك بعد اخر مرتبط بقصور البحث العلمي و الخدمات الارشادية، نقل التقانات من العالم المتطور في ادواته الزراعية كل ذلك كان لضعف الميزانيات المرصودة للزراعة.
و اذا كنا حريصين على تنمية الزراعة في السودان و استغلالها بكفاءة عالية إلا عندما نتبنى رؤية جديدة استراتيجية ضمن خطة استثمارية للزراعة في السودان من خلال التركيز على الاولويات الاستراتيجة التالية:
تحويل المزارع التقليدي من أنماط انتاج الكفاف و الإعاشه إلى نمط الانتاج التجاري و الاقتصادي و الذي يكون قابلاً للنمو و الاستدامة عبر زيادة الانتاج و الإنتاجية و تحقيق الامن الغذائي، و هذا يتطلب الحصول على التكنولوجيا الحديثة و التقانات المتطورة و المبتكرة و تفعيل الارشاد الزراعي و استخدام البذور المحسنة و التمويل الزراعي و على الحكومة ان تنظر في أمر البنك الزراعي نظرة جديدة بعد أن حولته الانقاذ من بنك زراعي متخصص في تمويل صغار المزارعين إلى بنك تجاري و اصبحت علاقته بالزراعة علاقة ضعيفة مما أثر تأثيرا كبيرا في تراجع الزراعة و نموها، و ضرورة اعتباره جزءا من لا يتجزأ من وزارة الزراعة.
إن الإمكانيات الزراعية التي يتمتع بها السودان و الغير مُستغلة و تمثل أرضية للاستثمار الجاد تصبح حلماً يراود السودانيين في تحسين سبل كسب العيش و ذلك من خلال استيعاب الطاقات المعطلة من الشباب و النساء، و كذلك فان الموقع الاستراتيجي للسودان بين افريقيا و الوطن العربي يؤهله لكي يلعب دوراً قيادياً في الأمن الغذائي الإقليمي و العالمي، و هذا لا يتأتى إلا من خلال الاستثمار في الزراعة عبر خطط و برامج استراتيجية من خبراء أصحاب علم و معرفة.
فالزراعة هي أسرع السبل و أكثرها فعالية في دفع الاقتصاد الوطني و الحد من الفقر و التي تعيد توازن الاقتصاد برفع قيمة العملة و خفض معدلات التضخم.
أما المشاريع القائمة و التي انهارت بنيتها التحيتة و تدنت انتاجيتها بعد أن كانت الداعم الأساسي للاقتصاد و في مقدمتها : 1- مشروع الجزيرة. 2- مشروع الرهد. 3- مشاريع النيل الابيض و النيل الازرق الزراعية. 4- و مشاريع ايلوله أخرى..
و هي مشاريع يغلب عليها الطابع المشترك او التعاوني فلابد أن تكون هنالك خطة لاصلاح هذه المشاريع العملاقة المروية من خلال :
1- تحسين نظم الإدارة.
2- تحسين شبكات الري.
3- التمويل و الانتاج و التسويق و تشريعات قوانين.
4- الخدمات.
5- الابحاث الزراعية.
6- التركيبة المحصولية.
7- التكنولوجيا الحديثة.
8- الاستثمار في الصناعات التحويلية.
9- الخدمات الاجتماعية.
و نواصل في الحلقة القادمة عن مجالات الاستثمار في الضلعين الاخرين الحيواني و المائي ان شاء الله.

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

مدير “الفاو” يحذر من تفاقم الجوع بإفريقيا ويشيد بالنموذج المغربي في الزراعة

الرباط وكالات ايكوسودان.نت من الرباط، لم يتوان شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا