الخميس , مارس 28 2024
أخبار عاجلة
القطاع الزراعي والخروج من عنق الزجاجة

التعاون الزراعي بين السودان واصدقاءه من إسرائيل وأمريكا

“علمني بحٌب كيف أصطاد السمك”
د. عادل الطيب عبدالنور
خبير زراعي
بُعيد المؤتمر الصحفي الثلاثي الشهير يوم الجمعة 23 أكتوبر 2020 وما حمله من وعد بالإنعتاق وبشريات بالتحرر للسودان من قيود متلازمة الإرهاب وإنطلاقه الي الأمام – يجدر بنا أن نتقدم بالشكر والتقدير لكل من نوي أو ينوي خيراً لبلادنا ونتطلع لعلاقة متوازنة ومثمرة مع الأصدقاء الجدد – ومباشرة بعد المؤتمر همَني ما جاء ذكره ووردت الإشارة اليه من إمكانية التعاون بالمجال الزراعي بين السودان وكلٍ من الولايات المتحدة وإسرائيل، وحينها تلمست جيبي وتحسست أجهزة بلادي الحبيبة، وهل سودان ما بعد الإنقاذ جاهز بإستراتيجيات وطنية ومن ضمنها تحديد الأولويات بالمشروعات الزراعية المناسبة لإستيعاب القدرات والتقنيات الكبيرة لكلا الدولتين وبما يحقق الأهداف الوطنية ويسهم فى التحول الى الإنتاج الزراعي المستدام، ودون شك أن التعاون مطلوب وما أحوجنا اليه وليكُن شعارنا “علمني كيف أصطاد السمك” بالتركيز على التدريب وتأهيل الموارد البشرية والحصول على الدعم الفني للبحث العلمي والتعليم الزراعي ونقل وتوطين التقنيات، وأري أنه يلزمنا التوافق على مشروعات بعينها تستوعب القدرات الفنية لتلك الدول وبما يمكننا من مجابهة التحديات وإستكمال النقص بمنظومة الانتاج الزراعي بالبلاد وفق الأولويات المرسومة.
وأثناء سير التفاهم إستعداداً لإنطلاق مشروعات مشتركة لابد من الإنتباه والوعي بتنشيط وتفعيل أجهزة الحماية وتشغيل الحساسات ونظم الرصد والمتابعة وكاميرات المراقبة لتمكين حماية الانسان وقاعدة الموارد الطبيعية من أية مخاطر منقولة بالمواد الزراعية أو الغذائية العابرة للحدود من إدخال الآفات النباتية والآفات الحشرية والأمراض؛ وإدخال الكائنات المحورة وراثياً ومشتقاتها وإطلاقها؛ وإدخال الأنواع الغريبة الغازية والأنماط الجينية وإدارتها. ويجب تطبيق أعلي الإجراءات والتدابير ذات الصلة بمفهوم الأمن الحيوي Biosecurity وهو ذلك المفهوم الشامل الذي يتصل مباشرة باستدامة الزراعة وسلامة الأغذية وحماية البيئة وحماية التركيبة المحصولية والموارد الوراثية بما يعزز الأمن الحيوي والسلامة الحيوية ويحمي البلاد، وتجارب بعض الدول تشير الى احتمال حدوث شئ مما نخشاه من تعقيدات مصاحبة للعمل المشترك مع الأصدقاء الجدد بسبب التقاعس عن تطبيق نظم الرصد والمتابعة الدقيقة ولا نميل لنظرية المؤامرة بقدر ما نسعي لتتبع نموذج الحماية كما يستخدم بالحاسب الألي حيث يتم تفعيل مضادات الفيروسات تحوطاً.
من جانب آخر أري القيام بتحديد وإختيار الملفات الشائكة والتي تتوافق ومقدرات تلك الدول بمعني أن نخصص لهم مشروعات تحتاج قدرات فنية متقدمة، وعلينا أن نقدم أولوياتنا بعيداً عن أولويات الطرف الأخر مع تحقيق المنافع المشتركة وأري أن تٌضمن الملامح أدناه بخطة التعاون مع الأصدقاء الجدد:
– تجنب تمليك الأراضي السودانية بل علاقات استثمار قصيرة أو متوسطة الأجل محددة المجالات وتفحصها لجنة فنية وقانونية ومحكومة بقانون للأراضي معدَل سيتم إعتماده من البرلمان، (هذا الأمر يستدعي الشروع في إعداد المسودة الأولية تمهيداً لإستكمال الأمر، ودون أدني شك المفاوض الإسرائيلي المتمرس والمحترف هو على علم بتفاصيل الإتفاقيات السابقة وقد تجري إستفهامات حول المستجدات التي إضطرت السودان لإعادة النظر بقانون الأراضي فهل نحن فاعلون)
– تبني مجالات للتعاون الفني تٌحدد وفقاً للإستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية بالسودان وتوظيف الدعم الفني والمساعدات لقطاعات محددة سيرد ذكرها لاحقاً.
– توفير وإختيار تقنيات وسيطة تتوافق مع حاجتنا وتحقق التنمية الزراعية الريفية وتوفر فرص العمل والوظائف للمجتمعات المحلية وليست بانماط الزراعية الذكية والدرون والأتمتة والروبتات (إسرائيل لها تجارب جيدة بهكذا إبتكارات).
– إعتماد الشفافية واشراك الرأي العام بطبيعة العلاقات والاتفاقيات وإستنفار الرموز السودانيين من المهنيين المميزين والمحترفين في الجانب الفني والقانوني، ولابد أن يكون لدينا فريق مفاوض قوي ومحترف وإلا هزيمتنا الفنية واقعة وهذا ما لا يرضينا.
هنالك مجالات عمل تميَزت فيها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وحققت بها تلك الدول ريادة ونحتاجها بالسودان. ووفقاً للمتوفر من معلومات نستطيع أن نفكر بإمكانية الإستفادة من خبرات الجانب الإسرائيلي بالجوانب أدناه وفق حاجتنا اليها وهي:
– نظم الري الحديثة المعتمدة على الطاقة الشمسية والتي تناسب ظروف وإمكانات المزارع.
– تطوير تقنيات حصاد مياه الأمطار وخاصة مناطق الأمطار الضعيفة بشرق وغرب السودان.
– التقنية الحيوية وابحاث الخرائط الجينومية والجينية لتربية النبات وتطوير أصناف مختارة من محاصيل القمح والذرة الصفراء والقطن والفول السوداني.
– استخدام التقنيات الرقمية بالزراعة بتصرف وبما يناسب الظروف الراهنة بالبلاد.
– تطوير نظم الطاقة المتجددة والخضراء بالمناطق الريفية.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فهي تعتبر رائدة بالعمل الزراعي بجميع مجالاته وخاصة البحث العلمي والتطوير والتعليم والتدريب، وكم يكون جميلاً لو عدنا لابتعاث الزراعيين الي برامج الدراسات العليا بالجامعات الأمريكية الرائدة ونذكر بالخير من تتلمذنا علي يديهم وهم درس وتدرب بالجامعات الأمريكية المميزة.
وتفعيلاً للتعاون الفني بين السودان والأصدقاء الجدد، أري إعتبار الجوانب أدناه مجالات للدعم الفني والعمل على إنجازها وفقاً لخصوصية العمل بالسودان وهي:
1- الدعم الفني ومساعدة السودان في تأسيس صناعة الأسمدة الأزوتية (اليوريا ومشتقات النتروجين) والفوسفاتية وغيرها من الأسمدة العضوية من كمبوست ودبال وبايوجار، وتأسيس تصنيع الألياف من الكناف والجوت والسايسل.
2- تطوير قدرات صغار المزارعين في المناطق الريفية والخبراء العاملين في مراكز التدريب الزراعي وتاهيل الموارد البشرية والكادر الزراعي بحيث نبدأ من العامل الزراعي والفني والمهندس الزراعي .. الخ وإنتهاءاً بالخبراء الزراعيين، حيث فقد السودان هذه التراتبية وإستكمالها بمنظومة الموارد البشرية العاملة بالقطاع الزراعي وبناء القدرات تبقي أحد أهم متطلبات صناعة النهضة الزراعية بالسودان.
3- تفعيل المزايا النسبية الزراعية للسودان فى انتاج أصناف محددة والإستفادة من التقنيات الزراعية الأمريكية وغيرها ودمجها فى المنظومة الزراعية المحلية، ومثال لذلك تنمية سلسلة القيمة ومنها تحسين التقنيات لإنتاج الحبوب والغلال من قمح وذرة صفراء وذرة رفيعة ودخن وشعير وشوفان، وإنتاج القطن والمحاصيل الحبوب الزيتية وإعداد برامج محصولية محددة وتحديد شكل المساعدة كمثال تطوير الأصناف والعينات المحلية لتوافقها مع ذائقة المستهلك ورغبة المنتج وقدرتها على التكيف مع الظروف البيئية.
4- الإستفادة من خبرات الدولتين وتوجيهها لانتاج الحبوب الزيتية مثل الفول السوداني وزهرة الشمس وفول الصويا وانتاج زيت الذرة وغيره.
5- تحسين إنتاجية الماشية من تطوير عمليات انتاج محاصيل الأعلاف وتصنيع كتلة التغذية للحيوان وخاصة الابقار والضأن والماعز والدواجن والأسماك، وتحسين السلالات والهٌجن.
6- تصنيع الأدوية ومستحضرات التجميل من النباتات الطبية والعطرية … الخ.
7- تطوير منظومة انتاج وتصنبع الصمغ العربي (وهنا لابد أن نشغل أجهزة الإنذار ونفعَل نظم الإستشعار عن بعد لأن السلعة استراتيجية ودون شك هي أحد إهتمامات أمريكا)
أذكر مقولة لأحد الزملاء الزراعيين تؤكد أن “السودان يمتلك بنية تحتية جيدة من القوانين والأنظمة والتشريعات بمجالات العمل الزراعي” وتبقي قضية تطبيق هذه الأنظمة وعلاج القصور فى الأداء، ونحتاج تمكين آليات التنفيذ وأدوات الرصد والمتابعة بدقة ومهنية. ويلزمنا تحديث القوانين والتشريعات بما يحقق المواكبة ويجابه التحديات المستحدثة وعلى رأس ذلك الإهتمام بالأمن الحيوي وتطوير طرق رصد الأمراض وتشخيصها وتتبع مصادرها وذلك مثل:
أ- حماية نظم الإنتاج الزراعي ومن يعتمدون عليها وقد يفقد المنتجون وغيرهم ممن يعتمد على الزراعة سبل عيشهم بفعل الآفات والأمراض الحيوانية والنباتية جراء الأضرار التي تلحق بالبيئة.
ب- حماية صحة الإنسان وثقة المستهلك في المنتجات الزراعية: إنّ تدابير الأمن الحيوي ضرورية لحماية المستهلكين – لاسيما المجموعات الأكثر عرضة للمخاطر – التي يمكن أن تتعرّض لمخاطر صحية حادة يحاول الأمن الحيوي الوقاية منها.
ج- حماية البيئة وتعزيز الإنتاج المستدام بم يفضى لزيادة الوعي العام بقضايا البيئة وتحقيق التنمية المستدامة، ويكون ذلك من خلال إتباع نهج فعّال للأمن الحيوي.
ح- وضع خطط وبرامج فعالة لمكافحة الأمراض والحد من تأثيرها على صحة الإنسان والحيوان، وسعياً لتوطيد مفهوم الصحة الواحدة وتعزيز البحث العلمي المشترك بين صحة الإنسان وصحة الحيوان لارتباطهما الوثيق بالأمن الحيوي.
وحبذا لو طلب السودان من الولايات المتحدة الأمريكية توفير مختبرات خاصة بالصحة النباتية والحيوانية ومجهزة استعداداً لتحولنا الي دولة تعتمد على تصدير المنتجات الزراعية والحيوانية وخاصة فحص الملوثات والأمراض الوبائية الأمر الذي تسبب بالإضرار بصادرات الضان الي السعودية. هذا المران والتدريب نحتاجه للتعامل مع كثير من دول العالم التي رغبت بالتعاون معنا ولكنها تمترست وتعطلت عند العقوبات الأمريكية وعلى راسها الإتحاد الأوروبي، وحان الوقت للإنطلاق وبقوة لرفعة السودان بالمشاركة مع جميع الأصدقاء.
ولن يتحقق لنا التطور والرفعة والنمو ما لم نعمل بهمة وجد وعزيمة ووطنية خالصة والي الامام نحو النهضة الزراعية الشاملة وبلدنا نعلي شأنها يا ناس.

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

بمناسبة اليوم العالمي للغابات 21 مارس من كل عام

1 – 3 أقوال وأشعار في الغابة والأشجار – الغابة رئة الأرض.. مصدر مجهول. – …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا